• المـــــدون الحــــــــر
Flag Counter

عصيد: الملكية أكثرُ مرونة من بعض الأحزاب في التعاطي مع الأمازيغية

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012
قدَّم الباحث والناشط الحقوقي أحمد عصيد، في ندوة حول "دولة الحق وأسئلة الثقافة" أمس الثلاثاء في الرباط بمركز جاك بيرك، عرضاً مستفيضاً حولَ الهوية المغربية في تعدد روافدهَا، قبل فرض الحماية على المغرب عام 1912 حتَّى اللحظة الراهنة، مذكراً بسيادة ثقافتين اثنتين لمدة طويلة؛ أولاهما ثقافة بلاد المخزن، والأخرى ثقافة بلاد السيبة، التي كانتِ الأعراف مؤطرة لقضاياها اليومية وانشغالاتها الطارئة، وهُو الأمر الذيَ سيبلغُ متمَّهُ بعد حصول المغرب على استقلاله، ببروز سعيِ الدولة المركزية إلى فرض ثقافة بلاد المخزن بكافة السبل، لأن الاختلاف في الهوية لم يكنْ في منظورها سوى مدخلاً للفتنة وباباً لضرب الوحدة الوطنية.
في النطاق ذاته، استدلَّ عصيد على وجود أزمة هوياتية في مغرب ما بعدَ الاستقلال بالنصوص التي تمت كتابتها خلال فترة الخمسينات والستينات، إذ أن اتحاد كتاب المغرب سلَّمَ بكون المغرب بلداً عربياً إسلامياً لا أكثر، ويمَّمَ شطر دول المشرق، بمَا جعلَ المغرب منكفئاً على ذاته، غير مبالٍ بالقارة السمراء ولا بحوض المتوسط، واستحال المشرق العربي والحالة تلك محجَّ الجميع، في إغفالٍ جلي للأبعاد الأخرى للهوية، بعدَ أن تمَّ اختزالُ الثقافة في جانبها المدرسي وأخرجت من طبيعتها الانطربولوجية.
فضلاً عن ذلك، حكى عصيد عن التجربة المريرة التي اجتازهتها الحركة الأمازيغية قبلَ إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ودسترة الأمازيغية كلغة رسمية في دستور 1 يوليو 2011، إذ أن علي صدقي أزايكو اعتُقِلَ خلال الثمانينات فقط لأنَّه كتبَ مقالاً طالبَ فيه بإعادة كتابة تاريخ المغرب في حديثه عن الثقافة الوطنية المغربية.
بيدَ أن غيمة سنوات الرصاص التي حالت دونَ ارتفاع الأصوات المطالبة بإنصاف الأمازيغية ستتزاحُ قليلاً بعد سقوط جدار برلين ونهج الملك الراحل الحسن الثاني لسياسة انفتاح، استطاعت معها الحركة الأمازيغية الالئتئام بأكادير معلنةً لميثاقها المتضمن لأربع نقاط رئيسية، تتلخص في اعترافٍ دستوري بالأمازيغية، والإدماج في التعليم، ثمَ الإعلام، فضلاً عن إحداث معهدٍ للبحث.
لكنَّ النقاشَ مع أحزاب الكتلة في تلك الفترة لم يكن مثمراً بشكلٍ اضطر مناضلي الحركة الأمازيغية إلى التقدم بطلبهم إلى القصر، الذي رأى عصيد أن مواقفه معروفةٌ بمرونتها وتأقلمها عكسَ الكثير من الأحزاب التي بقيت مواقفها متصلبة من ملف الأمازيغية. فتحتَ ضغطِ منظمات حقوق الإنسان الدولية سارت الأمور إلى قليلٍ من الانفراج، إذ دعَا الحسنُ الثاني في خطاب 20 غشت عام 1994 إلى تدريس ما سماه آنذاك باللهجات، فضلاً عن تخصيص دقائق سبع للأخبار بلهجات اللغة الأمازيغية، لكنَّ الكثير لم يتحقق وَسرعان ما تمَّ التراجع وعُرقلَ حضورُ اللغة الأمازيغية في الإعلام، وذكَّر عصيد كيفَ أوقفَ برنامج "تيفاوين" الذي كانَ يعده عمر أمرير باتصال من جهات عليا وتمَّ إرجاع القطع إلى عطبٍ تقني، لتعمدَ الجهات المسؤولة في مرحلة لاحقة إلى إعادة مواصلة البرنامج شريطة أن يكون بلغة عربية فصحى ويحملَ عنوان "كنوز" بدلَ "تفاوين".
وفي رده على سؤال لهسبريس، خلُصَ الباحث الأمازيغي إلى ان الانتظارات الحالية للحركة الأمازيغية تتمثلُ في السعيِ إلى قانونٍ تنظيمي يترجم الاعتراف بالأمازيغية لغةً رسمية في الوثيقة الدستورية للفاتح من يوليوز، مؤكداً أنَّ لا مجالَ للتراجعِ عن المكتسباتِ المهمة التي تمَّ تحقيقتها في العقد الأخير، كمَا استغربَ الباحث نفسه، كيفَ أن الدولة لا تقوم بتدريس الأمازيغية لأبناء المهاجرين المغاربة في أوربا رغمَ كونها وعاءً لقيم إنسانية راقية تتقاطعُ إلى حد كبير مع ما تنادي به بعض المواثيق الدولية، في الوقت الذي يفسحُ فيه المجال أمامَ الوهابيين ليبثوا أفكارهم الخطيرة في عقول الشباب المغربي بالدول الأوربية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
المـــــدون الحــــــــر © 2012| تعريب وتطوير : سما بلوجر