• المـــــدون الحــــــــر
Flag Counter

جففوا دموعكم بمنديل السياسة!

الجمعة، 13 يونيو 2014


هل أنا حائط مبكى؟ نعم أنا كذلك !
أتحول إلى حائط مبكى كلما زرت بلدتي حيث لا مؤسسة وسيط ولا منتخب منصط ولا مسؤول إداري يرى أن قَسَمَ التعيين ليس مجرد طقس انحناء بجلباب أبيض أمام ملك بل هو القدرة على الانتصار لجزء من القَسَمِ يقول فيه المقسمون، وهم خاشعون، خائفون، جامدون، وكأن على رؤوسهم الطير في حضرة السلطان، "اقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لوطني"!
أتحول لحائط مبكى كلما زرت بلدتي النائية المهمشة وتتوسع شقوق جداري حيث يضع بداخلي الناس مناديل بيضاء اسودت بفعل الظلم وأوساخ الجشعين فيتلوا الناس بين الشقوق صلوات المغبونين.
رئيس مجلس بلدي مستدام تحول الى جثة محنطة نسيته الأقدار على رأس البلدية منذ 1976 فكان شاهدا من شرفة الجماعة الحضرية لطاطا على معاهدة كامب ديفيد وكأس العالم مكسيكو 86 وانهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وإندحار الابارتايد وموت الحسن الثاني وزواج محمد السادس وهروب زين العبدين بن علي واستقالة خوان كارلوس ثم افتتاح كأس العالم منذ ساعات بالبرازيل ومازال الرجل رئيسا للبلدية رغم أنف البيولوجيا والجولوجيا والتاريخ.
رجل إدارة مازال يدعو الناس لمكاتب المسؤولين الترابيين بإستدعاء مكتوب كتب عليه "الحضور حالا.. لأمر يهمك" مصحوبا بدعوة شفوية تقول "تكلم للسيد القايد ألحمار..." في تأويل مغربي جلي للمفهوم الجديد للسلطة الذي إنتهت صلاحيته دونما علم من مكنات السلطوية الصدئة التي أنتجته.
أمنيون يسبون ويشتمون و ندما يعبرون عن سلوك "حضاري" يقولون للواقف أمامهم: خوك راه مازال ما فطر، دبر علينا! لم يسمعوا يوما عن إدريس بنزكري ولا يعنيهم أمر إبن قرية ايت عتاب في شيء. لم يسمعوا بإشكالات الحكامة الأمنية ومتى حدثتهم عن هيومان رايتس ووتش يجيبونك: واش هذا فيلم ميريكاني!
نعم انا حائط مبكى كل ما دخلت لمدينتي طاطا أمام أناس طيبين مغلوبون على أمرهم، وطنيون بالمفهوم المخزني للوطنية ومع ذلك فالظلم من ورائهم والظلم أمامهم وليس لهم الا الظلم.
أنا حائط مبكى أنتصب شامخا أمام كل مشتكي لكني في واقع الأمر، مفلس وقليل الحيلة لست سوى إسفنجة تمتص غضب الاخرين وجدار يهوي من فرط الدموع التي تنخر أساسه.. دموعي انا و ليست دموع الباكين.
آخر المتحدثين لحائط المبكى كان رجلا فقيرا لُطِخَتْ محجة كبريائه بمرض إبنه الذي سقط ضحية مرض كلوي عضال. إبنه في المستوى السادس من التعليم الأساسي حمله مرات متكررة من طاطا الى المستشفى الجامعي بمراكش.
أُثقِلَ كاهل الرجل الفقير العفيف بتكاليف تحاليل الدم التي تنقل الى فرنسا بمبلغ 900 درهم على رأس كل شهر، أعيته فواتير النقل والمستشفى التي لم يعد قادرا على تسديدها، أصابه السعار أمام مبنى شركة التأمين التي لم يرق لبيرقراطيتها بَعْدُ أن تسلمه تعويضه الهزيل، فقد الأمل في القلوب الرحيمة بعدما لم يتوصل بجواب عن رسالة استعطاف وضعها على مكتب عامل الإقليم.
والصادم في كل هذه التراجيديا الطاطوية ان حكومة "بوكو كلام"، شبه الإسلامية، رفعت من تسعيرة دواء يسمىEqupral 50 mg من مبلغ 775 درهما الى مبلغ 1063 درهم، منذ أيام، في وقت يتبجح فيه وزير الصحة التقدمي بتخفيض أثمنة سلة دواء يبدو أن حاملها لم يطرق باب الصيادلة وسط مدينة منسية في الجنوب الشرقي إسمها طاطا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
المـــــدون الحــــــــر © 2012| تعريب وتطوير : سما بلوجر