• المـــــدون الحــــــــر
Flag Counter

الأمازيغية والعنصريون من بني جلدتنا

السبت، 9 فبراير 2013
 

بالقدر الذي صدمتنيَ به النتائج التي أسفر عنها استطلاع الرأي المجرى من قبل هسبريس، بقدر ما كانت منتظرة لدي، في ظل استمرار تعشيش المغالطات بمنطق فهم البعض للأمور حد التمكن، وعلى نحو لا أجد معه مسوغا للاستغراب، ما دامت العنصرية في مغربنا، تحصيل حاصل، ونتاج ممارسات تضرب بجذورها في سياستنا ومناهجنا وإعلامنا، سيما فيما يتصل بتمثلنا للتعددية والوحدة الوطنية.
حين يقول أزيد من 30 بالمائة من المغاربة "لا" لإدراج الأسماء الأمازيغية ضمن قوائم الحالة المدنية، فذلك يحيل مباشرة إلى وجود فئة لا بأس بها من المغاربة، تحمل وعيا مغلوطا عن الآخر الذي يعيش معها في الشارع، ويقاسمها مقاعد الدراسة، ومناصب الشغل، ويرقد إلى جانبها بسلام في المقبرة حين يسدل الستار على الحياة، إنهم مواطنوهم "الأمازيغ"، الذين حولوهم بإيدلوجيات مريضة، إلى متآمرين على إسلامههم وعروبتههم، يتحينون النيل منهم أنى تأتى لهم ذلك، والدليل انبراء المناوئين لنضال الفاعلين الأمازيغ من أجل إقرار الحقوق الثقافية المشروعة، التي هي مكسب للوطن في نهاية المطاف، إلى رفع فزاعة الدين، وكأن الأخير قد اختص بلغة واحدة، وأن مختار السوسي، ليس من الفقهاء والكبار الذين أسدوا خدمات جليلة لدين الإسلام.
وهنا أجدني ذا رغبة في الرجوع، إلى حادثة واحدة تبدد استغرابنا أمام نتائج الاستطلاع، قبل شهر من الآن حين، سار أحد السلفيين المفرج عنهم ببركات "الربيع الديمقراطي" إلى القول، إنَّ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية نعرة من نعرات الجاهلية، وهو الشيخ الكتاني، الذي نسي أو تناسى ربما، أنَّ الأمازيغ لم يختصوا يوماً بوأد فلذات أكبادهم من البنات، كما دأب بعض الأعراب على الفعل زمن الجاهلية، وإنما نصبوا حرائرههم ملكات على دول شاسعة من القارة السمراء في عصور غابرة، كما أنَّ الأمازيغ وقد لا يستع المجال لبسط القول هنا، يجدون اتهامه مفرغا، وقد أسسوا بثقافة ضاربة في القدم لمبادئ تناضل المؤسسات الدولية اليوم لفرضها قيم كونية لحقوق الإنسان.
الكثيرون عاتبوا هسبريس، اعتقادا منهم، أنها طرحت سؤالا ما كان ينبغي أن يستفتى فيه، وبصفتي واحدا من الذين صوتوا بنعم لإدراج الأسماء، اقتناعا بأنَّ المغرب المنشود، يسع الجميع، ولا مجال فيه للإقصاء، أرى أنه من الحري بنا اليوم، أمام تلك العنصرية الصريحة التي عبر عنها قسم من المصوتين، ولا أجد لها وصفا آخر غير العنصرية، أن نسد الثغرات التي انسل منها ذلك الجهل التاريخي بالأمور، وجعلت مغاربة من إخوتنا ومواطنينا الذين لم نسألهم يوما عن عرقهم، يصادرون حقنا بما يعتنقون من أفكار، في أن يحمل أبناؤنا أسماء أمازيغية راقت لنا ولا تعني أحداً غيرنا.
المعادون للأمازيغية، من الذين ضاقوا ذرعا بمكتسبات رأت النور بفضل عقود من النضال، يعللون رفضهم للأمازيغية، إما بدعوى الحفاظ على اللحمة الوطنية، أو بدافع ديني غير مفهوم، ما دام الأخير غير ملغٍ لشخصية معتنقه الثقافية، وفي كلتا الحالتين لا يمكن أن تفرز المواقف المتطرفة إلا رفضا من قبل بعض من يحسون بكره يحمله الآخر، وذلك ما يجعلنا نسمع البعض وهم يطالبون بعودة العرب إلى الجزيرة العربية. فالتطرف ليس في الواقع إلا نتاج تطرف آخر، يعبر عنه بعض أكاديميي اللغة العربية، الذين يرتؤون عوض الاشتغال على اللغة العربية التي نحبها ونهيم في بيانها، مهاجمة اللغات الأخرى، وكأنها ضرة لها، كما صاح الأكاديمي حسن أوريد ذات يوم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
المـــــدون الحــــــــر © 2012| تعريب وتطوير : سما بلوجر